المحاكاة الساخرة....البارودي...

لا يخفي علي أحد، أن أحد أهم دروب الكوميديا هي "المحاكاة الساخرة"، لأعمال ناجحة، هناك سلاسل أفلام شهيرة "Scary Movie" قائمة بالكلية علي المحاكاة والدمج لأشهر أعمال هوليوود، أفلام رعب، أفلام أكشن، حتي الخيال العلمي لا يسلم من هذه السلسلة، كوميديا ال"سف" أو الSpoofing هي أحد أفضل وأنجح أعمال الكوميديا في العالم، خلطة لا تخيب أبدا.

شعار قناة موجة كوميدي

انتشر مؤخرا مقاطع علي "فيسبوك" للمسلسل "الكوميدي" للفنان طويل اللسان "أحمد فهمي"، مسلسل "الواد سيد الشحات" النكتة أن اسم المسلسل نفسه هو اقتباس لمسرحية "عادل إمام" الأشهر، في غياب ترابط الكتابة للكوميديا، أصبحت المسلسلات الكوميدية عبارة عن مجرد اسكتشات، طول الاسكتش منها لا يتعدي طول الحد المسموح علي فيسبوك أو يوتيوب، طلبا للفيراليتي، والانتشار وركوبا للتريند.

من مسلسل "الواد سيد الشحات"

شاهدت اسكتشا علي سبيل "الهزار" من المسلسل ذاته، علي أساس أنه محاكاة ساخرة لفيلم الأكشن الشهير "ابراهيم الأبيض" حيث أدي "فهمي" دور "عشري - عمرو واكد" وأدي بيومي فؤاد "ابراهيم - السقا" وأدت خطيبة البطل دور "هند صبري - حورية"، بينما أدي محمد عبد الرحمن الدور الأعظم "المعلم زرزور - محمود عبد العزيز" وفجأة وجدتني أقارن في مخيلتي بأعظم أعمال "سبوفنج" رأيتها في حياتي، برنامج قديم علي قناة قديمة، لسنوات مضت "مسلسلات كوم" و "موجة كوميدي".

عويس الضو يودع ولده في "الدباديب والفلوس"

اعتمد برنامج "مسلسلات كوم" بشكل أساسي علي "السف" من المسلسلات الشهيرة وقتها، مثل: "المال والبنون" و "الدالي" و "ذئاب الجبل" و "حضرة المتهم أبي"  وغيرهم، رغم غياب الإمكانيات الانتاجية، والوجوه الشهيرة حيث أشهر ممثل فيها هو "أمجد عابد" الذي اشتهر بدور "وديع" في حملة إعلانات ميلودي الشهيرة منذ أعوام مضت.

البرنامج الأشهر وقتها، والذي لم ينتشر لإنعدام الانترنت وقتها، وكنا نتبادله علي "فلاشات" و "هاردات" وقت أن كان التحميل "شحيحا" وجودة الفيديوهات حزينة، لكنه بقي في ذاكرة الجميع. أغلب الحلقات تمت كتابتها من "علي قنديل" و"ميشيل نبيل" وغيرهم من الكتاب الشباب، في عصر ما قبل الثورة، واتجاه الجميع لركوب التريند.

سعد الحاتي

جل الإختلاف بين العمل القديم ومسلسل "رمضان 2019"، بسيط جدا في الحقيقة، ببساطة شديدة مسلسلات كوم عمل كوميدي تم التحضير له، اعتمد علي كتابة مؤلف متمكن خفيف الظل، يراعي أصول الSpoofing فتري الممثل الذي يؤدي دور "أحمد عبد العزيز" لا يقلده، لا يحاكيه، فقط يستعين ببعض ملامحه الشكلية "الشنب علي سبيل المثال" وطريقة الكلام الأوفر، لكنه انتهازي وناقم علي المجتمع "عكس شخصية البطل"، ونري مثلا "عويس الضو" الذي يحاكي "عباس الضو" يحيك التريكو، ويقوم بالأفورة علي "دباديب" لا علي تماثيل ذهبية فرعونية، وتتمحور الحبكة كلها حول ذهاب الأبطال لتشجيع المنتخب في "كأس القارات" 2009، بدلا من ذهابهم لحرب 1976، وهكذا.

أسماك الجبل بدلا من ذئاب الجبل

بخفة شديدة يسخر المؤلفين من أغنية "عدي النهار" بدلا من أن ترتبط بهزيمة الجيش في 67، فنراها ترتبط بهزيمة المنتخب أمام منتخب "أمريكا"، وبدلا من أن يقع البطل في أيدي اليهود، يقع في أيدي الأفارقة، وينتهي الاسكتش بمكالمة البطل ل"شوبير". كل عناصر السخرية تحققت، البطل المثالي أصبح ناقم، عباس الضو يردد "الدباديب دي حرام"، والأمر بأكمله أصبح نكتة، لكنها نكتة متقنة، لها بداية ووسط ونهاية، عكس اسكتشات "فهمي" السخيفة.

دموع  في عيون بجحة

في اسكتش أحمد فهمي، لا يوجد كل هذا، نعم الشخصيات تقترب من شكل العمل الأصلي، لكنهم يرددون بكل سماجة، كأنهم يؤدون عملا روتينيا، مقلدون لا مبتكرون، يرددون إفيهات الفيلم كأن النكات يتم اقحامها اقحاما، نكات دخيلة علي العمل، كأننا في Cosplay كل ما فيه هو تقليد الشخصيات فقط، لا السخرية منها.

كوميديا عديمة الروح، تقتبس بشكل مباشر من نكات السوشال ميديا، وصور "ياو مينج" واعادة تدوير نكات التسعينيات، بلا أي فائدة أو طائل، فقط عنوان ساخن، ومسلسل أصبح فاصل من السخافات والملل،  واسكتشات لن يتذكرها أحد.

ريم.

31 مايو، 2019.