أصنام الدراما - الجزء الثاني
أنهيت
للتو مسلسل Better Call Saul - مسلسل فرعي عن "بريكن باد"
قدمه المخرج/ المؤلف الأمريكي "فينس جيليجان"، تدور أحداثه تقريبا قبل
ستة أعوام قبل ظهور والتر وايت، في نفس مسرح الأحداث "ألباكركي –
نيومكسيكو" نري جانبا من الوجوه المألوفة في "بريكن باد" مثل
"سول جودمان" المحامي الفاسد، "مايك أرمنتراوت" الشرطي
السابق، و "جوستافو فرينج" تاجر الميث المتخفي، وغيرهم، لنعرف جانبا من
الBackstory لكل
منهم.
المسلسل
يمتد لأربعة مواسم مع نية لتصوير الموسم الخامس، وهناك بعض الشائعات التي تخبرنا بأن
"برايان كرانستون" و "أرون بول" سيظهران في جانب من الموسم
الخامس للمسلسل، لكن الشئ المحير هو بطء الأحداث البشع!
تخيل
معي عزيزي القارئ أن مسلسلا يمتد لأربعة أعوام متتالية، تدور أحداثه حرفيا في مدة
زمنية تقريبا حوالي ستة أشهر! تخيل؟ لم أشعر بالملل من تسلسل الأحداث، لكنني شعرت
بالسخف، بعض الفلاشباكس، والمشاهد كان من الممكن اختصارها، وهذه بالقطع كانت
مشكلتي مع "بريكن باد"، الملل...الملل..الملل..
الجميع
يكره سكايلر وايت، الجميع يرغب أن يراها ميتة أبشع ميتة، لأنها "نكدية"
و "زنانة" و "خائنة" و "مقرفة" وغيرها من الصفات
التي نعتناها بها، الفكرة وتطور الشخصية الأحادي لم يسمح لها بأكثر من هذا التطور،
الممثلة حاشاها أدت ما بوسعها، وأبهرني أداءها الدرامي في كثير من المشاهد، بل
ووجدت ما فعلت في والتر وايت بعض الأحيان مقنعا جدا نظرا لتاريخ الشخصية، لكن،
لماذا المونولوجات الدرامية الطوييييييلة والمملة، فقط لإثبات نفس النتيجة التي
توصل لها الجميع، أن "سكايلر وايت" نكدية؟ لا أحد يدري!
كل
من شاهد المسلسل أعجب بصعود والتر وايت، وبلغة حواره الرصينة والفاتنة، ونظراته
الشريرة، لكن هل فكر أحد من صناع المسلسل أن يرينا الحقيقة من وجهة نظر مختلفة؟
طبعا لا. في "سوبرانوز" أنت تري الحقيقة وتري الواقع بوجهات نظر مختلفة،
تري "توني" من خلال أعين "كارميلا" زوجته، تري
"توني" من وجهة نظر طفليه، أمه وشقيقته، وأصدقائه والعاملين معه في
المافيا، وتري كلا من الشخصيات الرئيسية والفرعية من خلال أعين الجميع، كأنك تطل
علي الجميع من كريستال بلوري شفاف، لكن في بريكن باد، يوفر لك فينس جيليجان نظارة
واحدة لتري بها جميع الأحداث: عيني والتر وايت.
بما
أنك تري الجميع من خلال "والتر" فأنت ستري "سكايلر" نكدية،
وستري "ماري" ضيقة الأفق وستري "هانك" مجرد صهرك وهكذا، لن
تلاحظ كمشاهد تطور الدراما في كل الشخصيات، لا، أنت لن تهتم ككاتب علي الإطلاق
بالشخصيات، ستحركها كما يحلو لشخصيتك وبطلك الرئيسي أن تتحرك، وتتخلص منها كما
يريد لها أن تفعل، فقط.
أسرني
أداء "أرون بول" في المسلسل، وأبهرني كيف أنه استطاع التمثيل دون نص قوي
يستطيع الاستناد عليه، فنان حقيقي، يكفيه مشهد النهاية وخروجه بالسيارة قبل موت
"والتر وايت" لنعلم حجم موهبته المرعبة، لا أقول هذا تقليلا من موهبة
"برايان كرانستون"، الفرق بينهما أن "آرون" موهبته تسترسل
كشلال هادر، طبيعية فطرية لا يتحكم بها، لكن موهبة "براين" صقلتها
الخبرة، يؤدي دوره التمثيلي وهو يعلم أن هذا المشهد "هيجيب" مع الجمهور
كما سنقول، ويعلم بأن الجمهور سيتعلق به وسيحبه وسيغفر له حماقاته وزلاته الغبية.
طيلة
مشاهدتي للمسلسل تأرجحت مشاعري بين الحب والكره لوالتر والاشفاق علي جيسي
و"سكايلر" أيضا، فسكايلر التي تكرهونها جميعكم لم تتصرف إلا كما سيتصرف
أيا منكم إن وضع تحت نفس الضغوط والظروف، أما والتر وايت، فما هو إلا أحمق كبير،
ليس إلا.
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقك يسعدني..يا أفندم!