أصنام الدراما - الجزء الأول

لدي الكثير من الوقت، الكثير من الوقت لأتابع خمسة مواسم من "بريكن باد" وأربعة مواسم من "بيتر كول سول"، وغيرها من الأعمال للمؤلف والمخرج الأمريكي "فينس جيليجان".

إلي وقت قريب، لم أكن علي اقتناع كبير بمشاهدة مسلسل "بريكن باد" صاحب التقييمات الأعلي علي موقع IMDB  والمسلسل الحائز علي الكثير من جوائز الإيمي، صاحب الصيت، والترشيح رقم واحد لأي مبتدئ في مشاهدة الدراما التليفزيونية، الحق يقال شاهدت من قبل أول موسمين للمسلسل، من رشحه لي أخبرني أن الاحداث ستصبح مشوقة بعد قليل، شاهدت أول موسم، ثاني موسم، ثم توقفت، لأنه لا شئ كان يحدث في حقيقة الأمر..لا شئ علي الإطلاق...

Vince Gilligan

الشئ المثير أن سر مشاهدتي مؤخرا ل"بريكن باد" هو مسلسل آخر، غير معروف بالكلية لسكان الوطن العربي، مسلسل صدر في الوقت الضائع، في الحقبة التي بدأ فيها الانترنت، ولم تنتشر مواقع المشاهدة بالشكل الكثيف الذي نراه الآن، هو مشهور في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن لسكان الوطن العربي ومصر، مجهول كليا، المسلسل هو "زا سوبرانوز".

بما أنني أمتلك كل الوقت في العالم، وأحب مشاهدة المسلسلات ذات الدراما الجيدة، وكنت قد فرغت للتو من مشاهدة "ساينفيلد" وبحصولي علي جرعة كوميديا مكثفة، أقسمت ألا أشاهد بعدها أي "ست كوم" أمريكي مرة أخري، احتجت أن أشاهد شيئا مختلفا، ووقع اختياري علي سوبرانوز، شاهدت حلقة الPilot  وتفاجئت بأنني في منتصف الموسم الأول، الحلقة تمتد إلي خمسة وأربعين دقيقة، الموسم 13 عشر حلقة، مع استثناء الموسم الأخير الذي امتد إلي 21 حلقة، شاهدتها جميعا بلا انقطاع، وأعدت مشاهدة بعضها، حتي النهاية.

أظنني وبلا جدال، لن أشاهد مسلسلا أكثرا اكتمالا من "سوبرانوز" حتي صنم الدراما الأوحد الذي يهدي إليه الجميع القرابين: بريكن باد!

من يشاهد العملين الدراميين سيشهد الفارق بوضوح بين الدراما الغنية بالأحداث، الثرية بالمشاعر، وتطورات الشخصيات الدرامية بشكل منطقي سلس، وبين الدراما المملة، البطيئة، والشخصيات ثنائية الأبعاد.

Aaron paul with his babe <3

من يشاهد "زا سوبرانوز" و "بريكن باد" سيدرك الفارق بين "توني سوبرانو" و "والتر وايت"، بين بناء الشخصيتين الدرامي، وتفكيرهما المنطقي، سيدرك كم الجهد المبذول من صناع "سوبرانوز" ليصبح "توني" شخصا حقيقيا لحم ودم وأعصاب ودموع علي الشاشة، وبين "ولتر" الذي جعله صناع المسلسل "إلها" بلا مبرر، وسيدرك الجميع الفارق بين موهبة "برايان كرانستون" وخبرته، واهتمام صناع "بريكن باد" بشخصه الدرامي فقط، مع اهمال كافة العناصر الأخري، واهتمام صناع "سوبرانوز" بكل صغيرة وكبيرة.

قد أبدو غاية في التحيز وأنا أكتب عن "سوبرانوز"، لكن أظن أن تحيزي قد يضفي شيئا من العدل في كفة "سوبرانوز" التي طالما ارتفعت مقابل "بريكن باد" وصور "ولتر وايت" في بذلة المعمل والعبارات الكليشيه التي يتداولها الجميع علي لسان "بطل المسلسل"، فإن كان "بريكن باد" هو عمل البطل الواحد كأفلام "فريد شوقي" ف "سوبرانوز" هو ملحمة درامية علي كافة الأصعدة.

لقراءة الجزء الثاني اضغط هنا