السقا...كلمة حق أمام طوفان التريند الجائر...!
لم يحظ ممثل منذ المرحوم "فريد شوقي" بشهرة كبيرة في أنحاء الوطن العربي، كملك للترسو، وبطل لأفلام الأكشن، ثم ممثل من العيار الثقيل سوي "أحمد السقا"، اختلفت أو اتفقت حول موهبته، وحول جدعنته وأساطيره المثيرة للجدل، وهواياته المتنوعة، لكن السقا يظل محط أنظار الجميع.
بدأت أتأذي نفسيا مؤخرا من الهجوم المبالغ فيه علي شخص أحمد السقا، لا أدري لماذا، لكنني بتت أكره التريندات، وأكره الجروبس وآلاف الأعضاء والمجهود المبالغ فيه للهجوم علي شخص فنان لمجرد اشتهاره بالجدعنة، والرجولة، والشهامة، بشكل مبالغ فيه! الشئ الأكيد أن الجميع يتمني أن يشتهر بمثل هذه الشهرة، لا أحد يحب أن ينعته الآخرين بالبخل، او بالسفالة، أو الصفاقة، لكن أن تتلق فقط هجوما كاسحا لمجرد أنك أحمد السقا، شئ يثير الاستغراب بالقطع!
نشأة أحمد السقا الفنية، بطبيعة الحال مع والده "صلاح السقا" رائد فن مسرح العرائس في مصر، جعلته عاشقا للتمثيل، دراسته بمعهد فنون مسرحية، وتخرجه، رغم تاريخ والده لم تمهدا له طريق النجومية، موهبة السقا ليست بالكبيرة، ولا المتفجرة، لكن أهم ما يميزه عن أبناء جيله، بكل بساطة هو "الاجتهاد".
أحمد السقا وصلاح السقا |
من وجهة نظري التي لا قيمة لها علي الإطلاق، وحيث أنني شاهدت أفلام أكشن بعدد شعر رأسي إلا قليلا، فهذه النوعية من الأفلام لا تتطلب أية موهبة تمثيلية علي الإطلاق، بدليل "توم كروز" الذي يستمر بكل بساطة في إطلاق الجزء تلو الجزء من سلسلة "مهمة مستحيلة" حتي صرت أنسي العد، وأفلام "فاست أند فيوريس" وأفلام "زا روك" المصارع الذي ضل طريقه لعالم هوليوود، وغيرهم وغيرهم، فنان الأكشن ليس مطالب بتقديم مونولوج شكسبيري طويل من هاملت، ولا مطالب بأن يمتلك أعظم مواهب العالم في التمثيل، فقط مطالب بإيرادات شباك، وهو ما نجح فيه السقا طوال عمره، ولم يفشل إلا قليلا.
الجميع يتهم السقا ب"بهتان" أداءه التمثيلي أمام كل من شاركوه بطولة أفلامه، وصار الجميع يتندرون بأن أبطال الدور الثاني والثالث في أفلام السقا يمتلكون موهبة أعلي منه، وهذا صحيح، لكن الجميع يتناسي أن السقا هو البطل الذي "يبيع" الفيلم، وهو صاحب المشروع منذ بدايته، كما تعودنا في مصر، فالأفلام تخرج من جعبة البطل، لا المؤلف أو شركة الانتاج، هو الذي يرشح زملاءه للعمل معه، هو الذي يختار النص، أو باختصار يتم كتابته تحت اشرافه، أو ان كان النص جاهزا فبالتأكيد لن يتم التنفيذ حتي يحظ النص بمباركته وقبوله، والاختيار تلو الاختيار لا يثبت شيئا سوي أن السقا، ومستشاريه الفنيين -إن وجدوا- يتمتعون بالنضوج الفني الكافي لاختيار مشروع فني ناجح ومتكامل.
اجتهاد السقا لا يتلخص فقط في اختياره للنصوص الجيدة، والمخرجين الجيدين، الاجتهاد يتجلي في اهتمامه بالتفاصيل، واصراره علي القيام بمشاهد الأكشن بنفسه، وانتاج المشاهد بمستوي عال وجيد، ليقدم للمشاهد فيلما يحترم عقليته، ولا يستهين به كمتفرج مطلع علي أحدث أفلام الأكشن في هوليوود.
قد أعتبر السقا وعن رضا تام هو الأب الروحي لأفلام الأكشن المصرية منذ بداية الألفينات، فيلم مافيا الذي لا زال يعرض حتي الآن، كان ولا يزال علامة فارقة في تاريخ الأكشن المصري، وانتقاله من مرحلة "بيو بيو بيو" في السبعينيات والثمانينيات، وأكشن "يوسف منصور"، إلي أكشن "نظيف" إلي حد ما، مطاردات مقنعة "إلي حد ما"، وأكرر كلمة "إلي حد ما" لفوارق الانتاج، والاخراج، وقدرات التأليف، والخطوط الحمراء في الكتابة التي تحيط بنا من كل مكان.
أحمد السقا وزوجته مها الصغير |
علاوة علي ذلك، نحن لا نزال بحاجة إلي أبطال أكشن، فلولا السقا لما ظهر الجيل الثاني "أحمد عز" والجيل الثالث "أمير كرارة"، الذي تقمص وعن جدارة دور الرجل العسكري، لكن هذا لن يضر أحدا، الكل سعيد، ونحن نصنع أفلاما مسلية، وتدر أرباحا، وتدور العجلة، وهذا هو دور السينما الأساسي: التسلية، فالفنان ليس له رسالة سوي تسليتك، وامتاعك بمنتج فني يرضيك، كلاكما تخضعان لقاعدة "دعني أخدعك، دعني أنخدع"، ليس من المقدور للجميع أن يصبحون "يوسف بك وهبي" ولا "يحيي الفخراني"، دعونا نشاهد في صمت، ولتدعوا السقا يغلب من يغلب، وإن لم يعجبك، فاقلب المحطة!
ريم
9 مايو 2020
فيصل
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقك يسعدني..يا أفندم!