الأبوة في سلسلة Star Wars!

 أحب سلسلة أفلام ستاروورز، أحبها بشدة، أري فيها أفلاما مسلية ومتكاملة العناصر، جورج لوكاس نفسه يعرف سلسلة الأفلام بأنها "أوبرا فضائية"، بالتأكيد هي ملحمة متكاملة الأركان، أشرار، وأبطال يسعون لتحقيق العدل، ضربات انتقامية، الشر ينتصر أحيانا، والخير ينتصر أحيانا أخري، متعة بصرية، تحققت في السبعينيات بأقل الإمكانيات، وحتي يومنا هذا تستمر وتتنتشر، وتتوسع قاعدة معجبينها.

معجبو السلسلة يعلمون أنها قد بدأت "متشقلبة" بدءا من الجزء الرابع، جورج لوكاس لم يعلم بعد اتمامه للفيلم الأول بأنه سينجح هذا النجاح الساحق، بل بالعكس توقع فشلا ذريعا، وأنهي الفيلم واصطحب صديقه المقرب "ستيفن سبيلبرج" إلي رحلة بحرية، ليعود ويتفاجئ بهذا الصدي الواسع، فقرر أن يتوسع، في كتابة وانتاج المزيد من أفلام هذه السلسلة، وعدل اسم الجزء الأول من Star Wars فقط، ليحمل رقم 4 في السلسلة، ويحمل عنوانا فرعيا New Hope  أو "أمل جديد".

بوستر فيلم New Hope

ارتبطت سلسلة ستاروورز في مخيلة المشاهدين بأبطالها، سواء أشرار ك"دارث فيدر" و "الامبراطور" أو منضمين لتحالف المتمردين ك"لوك سكاي ووكر" و "ليا أورجانا" والمهرب "هان سولو"، والعديد من الأبطال الفرعيين، سواء من أسعفتهم الظروف للمزيد من الشرح في أفلام فرعية ك"هان سولو"، أو تم افراد مساحات أوسع لهم في ألعاب الفيديو، و مسلسلات الرسوم المتحركة، أو عن طريق افراد المزيد من المساحات وخلفيات الشخصية في روايات Star Wars  التي تصدر عقب كل فيلم.

أكتب هذا البوست احتفالا بيوم "ستاروورز" والذي يوافق الرابع من مايو في كل عام، اسقاطا علي العبارة المشهورة في الفيلم May the force be with you فay the force be with you تاروورز" والذي يوافق الرابع من مايو في كل عام، اسقاطا علي العبارة المشهورة في الفيلم لفيات الشخصن سولو، تورية لفظية، تحورت لتصبح تاريخا مميزا لكل معجبي ستاروورز May the 4^th ، علي سبيل التذكرة، فبداية علاقتي بعالم ستاروورز كانت في نفس اليوم، منذ سنين عديدة، حيث رأيت فيديو ل"هيلاري كلينتون" في خضم حملتها الانتخابية، وهي تذكر العبارة في نهاية أحد خطاباتها، فقررت التعرف علي هذا العالم، وأصبحت من قاعدة معجبيه القليلة في العالم العربي.

كمقدمة سريعة، ينبغي علينا معرفة تقسيم الأفلام، حيث أن أفلام ستاروورز الرئيسية هي تسعة أفلام، ثلاثة تم انتاجها في السبعينيات والثمانينيات "الجزء الرابع والخامس والسادس" وهم: أمل جديد – الإمبراطورية تضرب من جديد – عودة الجيداي، ثم انتاج الPrequles  والذي تم انجازه بين التسعينيات والألفينات "الجزء الأول والثاني والثالث" وهم: انتقام الشبح – هجوم المستنسخين – انتقام السيث. ثم أخيرا وليس آخرا، الأفلام التي تم انتاجها مؤخرا وهي تتمة القصة "السابع والثامن والتاسع"، وهم: صحوة القوة – الجيداي الأخير وصعود سكاي ووكر.

جورج لوكاس والروبوت C3-PO

ترصد سلسلة ستاروورز قطاعا عرضيا في المجرة، غير متقيد بزمان أو مكان، فقط يكتفي بذكر أن الخط الزمني هو في مجرة بعيدة جدا جدا، في زمن بعيد جدا جدا، برصد الأحداث التي تمر بها عائلة "سكاي ووكر" بدءا من "أناكين" وقصة تحوله إلي "دارث فيدر" وكيف استحوذت عليه قوي الجانب المظلم من القوة، وولديه التوأم "لوك وليا"، انتهاءا بحفيدهما "بين سولو".

لا تعتمد السلسلة علي أية توقيتات زمنية نعرفها، فقط يتم تحديد الوقائع بمعركة "يافين" التي شاهدناها في فيلم "New Hope" وهي التي تم تفجير "نجمة الموت Death Star الأولي" فيها، وبسبب كونها أول حدث هام في تاريخ السلسلة، فقط جعلها جورج لوكاس هي نقطة الأصل في التاريخ، ف جميع الأحداث تمت إما قبل أو بعد معركة "يافين".

Death Star والتي تم تفجيرها في معركة Yavin

أكثر ما أثار انتباهي في الفيلم هو علاقات الحب، والأبوة، والتي بشكل كبير تحكمت في كل أحداث السلسلة، فإذا أعرنا انتباهنا لدقيقة، سنري كيف أن "أناكين سكاي ووكر" قد تحول إلي الجانب المظلم، لتعلقه الشديد بوالدته، ثم بزوجته لاحقا "بادمي أميدالا"، وكيف أن غياب رمز الأب في حياته، وعدم استيعاب المحيطين به لغضبه ومشاعره السلبية، قد أدت في النهاية لتحوله للجانب المظلم، ومن ثم في النهاية اعادته للتوازن في القوة كما قالت النبوءة القديمة.

Darth Vader in his custome

ولد أناكين سكاي ووكر 41 عاما قبل معركة "يافين"، في كوكب بعيد يسمي ب"تاتويين" وأمضي سنوات طفولته الأولي مع والدته "شمي" يرزح تحت قيود العبودية، حتي إلتقي به فارس الجيداي" كواي جون"، واكتشف موهبته مع "القوة" وكيف أنها تتخلله، وتمنحه بصيرة في رؤية المستقبل، وتجعله يمتلك ردود أفعال أسرع من البشر الطبيعيين. منذ اللحظة الأولي لم يتعامل أحد مع أناكين بصفته طفلا عاديا، فقط هو موهوب وقد يكون الشخص المختار لإعادة التوازن للقوة، قام كواي جون باستغلال موهبته، ثم تلقته أيدي "أوبي وان كنوبي" الذي اكتفي بتدريبه ليصبح كفارس جيداي، لكنه في الحقيقة لم يعر أي اهتماما لمخاوفه، وأخذ يحذره من التعلق والحب، لم يراع أحد أنه طفل انتزع من أحضان والدته، وتربي بعيدا عنها، تحت نذور الجيداي وعدم التعلق أو الحب أو الامتلاك، غضبه كان في ازدياد، حتي وصل به لذبحه لقرية كاملة وابادة جماعية لهم انتقاما فقط لموت والدته "شمي"، فنمي بداخله دافع خفي أملا في أن يصبح أقوي جيداي، ليمنع الموت عمن يحب فقط.

أناكين في سنوات شبابه كجيداي

حالة "أناكين" فريدة، ربما لأنه فقط نمي جسمانيا لكنه لم ينم عقليا، لم يستطع التعود علي فكرة الفقد، والموت، وظن بطفوليته أنه سيصبح قادرا علي تحدي الموت، ومن هنا تسلل إليه المستشار "بالباتين" الخبيث، الذي استغل طفولية أناكين، فقام أناكين بحمايته، وأصبح المتدرب الخاص به، لكنه في النهاية، وبعد قائمة طويلة من الضحايا، انتصر الجانب الخير بداخله، فقام بالقضاء علي الامبراطور، ليحيا "لوك" ابنه في النهاية.

لوك سكاي ووكر مع سيفه الضوئي

تماما كما عاش  "أناكين" في تاتوين"، وفي نفس الظروف، نشأ ابنه "لوك" مع خاله "أوين لارس" وزوجته "بيرو"، أوين كان يخشي من موهبة لوك المتوارثة، وحاول بشتي الطرق أن يجعله يبتعد عن طريق القتال أو حتي تعلم الطيران، وجعله يصبح مزارعا، الأقدار كانت أقوي من أوين ورغبته في جعل "لوك" لا يسلك طريق القوي المظلمة، فانضم إلي العجوز "أوبي وان" الذي يستمر في رحلته في مواجهة "دارث فيدر"، لكنه ينسحب ويهب جسده للقوة، يتحول إلي شبح متكلم ليراه لوك ويحصل منه علي الإرشاد والتوجيه الذي يحتاجه.

لوك وعلاقته ب"أوبي وان" ثم "يودا" كانت أشبه بعلاقة "أعمل الصح" بين حزلقوم وغسان مطر، بينما تلقي "أناكين" تدريبا مكثفا علي مدار سنوات طويلة، وتحكم في قوته بشكل كبير وازدادت، تلقي لوك فقط بعض النصائح المبهمة، واعتمد بشكل كبير في تدريباته علي إحساسه الداخلي بالقوة، ولم يجد لا في "أوبي وان" ولا "يودا" الأب الذي افتقده. لكن علي عكس "أناكين"، لوك عاش طفولة مستقرة، وكان أنضج عاطفيا بشكل كبير من والده، الذي لم يجد الأب ولا التوجيه الصحيح لمشاعره في كل أحداث السلسلة.

لوك يحمل يودا في كوكب داجوبا

المثال الوحيد علي وجود الأب/الأخ الأكبر في حياة "لوك سكاي ووكر" كان في شخص "هان سولو" المهرب وكابتن "الميلينيام فالكون"، سولو يفوق "لوك" عمرا، ويناديه دوما ب"Kid" وهي ليست استهانة بلوك بل هي بالأساس تعبيرا عن فارق العمر بين سولو ولوك، وأنقذه أكثر من مرة، بل وآمن باستخدام القوة بعد أن سخر منها بشدة في بدايات تعلم لوك لها.

هان سولو

صداقة "لوك" و"هان سولو" امتدت وتوثقت أكثر فأكثر بعد زواج "سولو" من شقيقة "لوك" التوأم "ليا أورجانا"، وأثمرت تلك الزيجة عن طفل وحيد، تمحورت حوله ثلاثية الأفلام الأخيرة "بن سولو" أو كما ارتأي أن يدعو نفسه "كايلو رين"، وكايلو رين هو طفل لم يربه أحد، في خضم ولادته وتربيته، انشغل الأبوان بالحرب وهزيمة الامبراطورية، وأنشأ خاله "لوك" مدرسة جديدة للجيداي، ودون أي اعتبار لرغبات "بن" نفسه، تم ضمه لتلك المدرسة، أمه انشغلت بالقتال، وبالهدف الأكبر، ووالده هو باختصار "كاوبوي متنقل" لا يهدأ، و"بن" ضعيف، بحاجة إلي أب قوي، دور لم يقدر علي أداءه لوك بكل تأكيد، فجنح "كايلو – بين" للجانب المظلم، وارتكب فظائع، وسط اعجابه بشخص جده "فيدر"، ووعده له بأنه سيكمل ما بدأ، غير واع أن "فيدر" نفسه، ضحي بكل شئ لإنقاذ "لوك"، في النهاية يتكشف ل"بن" أنه لا يزال خيرا من الداخل، ويهب نفسه للقوة مانحا "راي" ما تبقي من حياته لإنقاذها، عالما بأنه يجب عليه فعل ذلك.

بن وهان سولو في ظهور أخير له بفيلم "صعود سكاي ووكر"

"أعلم ما يجب فعله، لكنني لا أملك القوة لفعله"، حتي عندما ترائي شبح "هان سولو" المقتول علي يد ابنه، لم يلمه، لم يعاتبه، فقط كان يعلم أنه كان يجب فعل هذا، وكما امتلك "بن" القوة لتنفيذ أمر اعدام والده حسب تعليمات "سنوك"، فقد قتل "بن" سنوك في الجزء التالي، كدافع داخلي للانتقام، وربما لأنه رأي أن قتله لوالده سهل له قتل أي شخص آخر، ولو كان "القائد الأعلي".

الأميرة ليا أورجانا

راي كانت استثناءا لكل هذا، عاشت طفولة مدقعة، تنقب في قمامة المجرة، أتت من العدم، أو هكذا قيل لنا، حتي اكتشفنا أنها حفيدة الإمبراطور الشرير نفسه، الذي تحدي الموت سنينا طويلة، لم يجبرها إرثها العائلي علي السير في طريق القوي المظلمة، تحلت بمبدأها للنهاية، وربما عقدة الذنب التي كانت تخنق "لوك وليا" بسبب ما حدث ل"بن" جعلتهما يحسنان تدريب "راي" ويوفران لها ارشاد وحماية، وتعليمات واضحة، لا عبارات مبهمة كالتي اعتاد لوك علي سماعها من أشباح القوة، ولا التزام بالمبدأ والانغماس في الحرب لدرجة اهمال الطفل الوحيد "بن"، الجميع تضافر لتدريب "راي".

راي تحمل سيفها الضوئي

 رغم معرفتهم بأنها حفيدة الإمبراطور، كل أخطاء التربية التي حدثت في الأجزاء السابقة تم إصلاحها، راي أحبت "بن" ورأت الجانب الخير بداخله، و"بن" أحب "راي" ورأي الجانب الشرير بداخلها، كلا منهما حاول اجتذاب الآخر لصفه، لكن "راي" نجحت في النهاية، لأنها نشأت وشبت علي دافع البقاء، اعتمدت علي نفسها فقط، نشأت من العدم، أحاطت نفسها بالعديد من الأصدقاء والمحبين والمعلمين، وانتصرت للقوة، وفي النهاية، أعادت التوازن مرة أخري.

ريم.

3 مايو، 2020