مشهد أفقي من الجنة - 2

جري سيد مكاوي في أرجاء الجنة بعينيه الجديدتين، في الوقت ذاته كانت أم كلثوم تشدو بصحبة القصبجي "صعب عليا أنام" من رق الحبيب، أسمهان كانت تجلس بجوار مدفأة وتحتسي كأسا من النبيذ الأحمر، فريد، وسامية ورشدي أباظة كانا يجلسان متجاورين يشاهدان فيلما أمريكيا جديدا، سمع الجميع صوت ضحكات من بعيد، كانت لفريد شوقي، وهدي سلطان، في جلسة صلح عقدها بينهما يوسف وهبي، الذي طبع قبلة حانية علي جبين هدي، وفريد شوقي.

بعيدا عن جلسة الصلح، مباراة كرة القدم علي أشدها بين صلاح جاهين، وفؤاد حداد من ناحية، وبين عبد الحليم حافظ وكمال الطويل من ناحية، بينما اكتفي عبد الوهاب بالجلوس مشاهدا، يصفق من بعيد، ويدون من وقت لآخر لحنا لنجوي فؤاد كما طلبت. محمد الموجي كان الحكم، واكتفي بمجاملة فريق عبد الحليم، واحتساب ضربة جزاء لهما، علي الجانب الاخر، سعاد حسني كانت تجلس حائرة، بين فريق صلاح وفريق عبد الحليم، فاكتفت بالانفعال المكتوم لحليم، وبتشجيع صلاح.

كلما صدرت تشجيعة من سعاد لصلاح جاهين، حدجها عبد الحليم بنظرة ثاقبة، رسمت علي ملامحها ابتسامة خجل، فاكتفت بهذا القدر، بعد أن تابعتهما عيون عبد الوهاب، ابتعدت سعاد جهة المدفأة، كانت أسمهان قد غادرت، وجلست شادية وحيدة، فجلست سعاد تسامرها، صلاح ذو الفقار كان يحضر بعد الفاكهة والمشروبات، وبدأ بالتوزيع علي الجميع، رفض رشدي الفاكهة وأشعل سيجارة، وما أن طال دخان السيجارة الجهة الأخري حتي تصاعد صوت تحية كاريوكا لرشدي بإطفاء السيجارة، لأن الدخان يؤذيها.

قامت سامية جمال وهي مستاءة من تحية ناحية الشرفة، تطل علي المباراة الدائرة بين فريق جاهين وفريق عبد الحليم، فوجدت فايزة أحمد تشاهدها هي الأخري، انتهت المباراة بفوز فريق جاهين بهدفين مقابل هدف لفريق حليم، سمع الجميع عتابا دائرا بين حليم والموجي، لأنه لم يتحيز له بما يكفي، فجأة ساد الصمت، حتي عبد الوهاب الذي كان يكتب اللحن لنجوي توقف عن الكتابة، وسمع الجميع صوتا قادما من بعيد، كان صوت أم كلثوم وهي لا تزال تدندن بصوت عال "صعب عليا أنام"، وقف عبد الوهاب معجبا بما سمع، ومتأهبا نحو العود ليعزف ما سجل علي النوتة، فاصطدم به سيد مكاوي الذي كان من وقتها، لا يزال يجري في الجنة، بعينيه المبصرتين الجديدتين.

تابع الجزء الأول من هنا.