ذكراه - الليلة الأولي بعد ال21... - البداية.

الرحيل قاسي...ومن يرحلون يظلون في القلب...ومن يحبون تظل الغصة في قلوبهم مهما طال الوقت...
بليغ رحل...بليغ الجسد رحل...لكن الروح ظلت...الموسيقي ظلت...الأحلام ظلت....والمعجبين في ازدياد...كل يوم...



لم أقابله يوما، ولم أحظ بشرف لقاءه، لكنني قابلته طويلا بيني وبين نفسي، احتسيت معه قهوتي، وناولته قرص أسبرين، وغطاني في لحظات البرد، وشاهدنا التليفزيون سويا وتحادثنا في الهاتف....

عاش معي شهورا طويلة، كان لي فيها الصديق، والعشيق....وكل هذا لا علاقة له بالشخص الأصلي، الذي لا أتذكر علي وجه التحديد متي تعلقت به ولا اتذكر متي كانت تلك السقطة في البحر البليغي...كل ما اتذكره أنه انا كنت..وأصبحت..فقط..ملابسات الحادث غير معروفة، ولا ضحايا علي الاطلاق...فقط انا....قبل وبعد..أما عن تلك المرحلة السحرية التي مررت بها وأصبحت من مهاويس بليغ فلا اتذكرها علي الاطلاق...كأنها سحابة صيف.



وجدته يحتل عيني، وقلبي، وعقلي، يحتل ما بين جنبات الصدر، وما بين الرأس والقدمين، ويحيط بي في كل مكان، ويهمس في أذني..كان شبحا، وكان ضيفا خفيفا، استفضته ولم أمل من بعد، وأمل ان يزورني مرة أخري يوما ما...فقد اوحشني...

وانا صغيرة ظننت بليغ مغربيا، لا اتذكر مالذي ألقي بهذا الخاطر إلي بالي، من الجائز أن جسمه الضئيل، وسمرته التي كانت وقت الطفولة شيئا غريبا، والحسنة المميزة، والعينين المتقدتين والحادثة المشهورة، عوامل ساهمت في تثبيت دعائم فكرة ان هذا الرجل مغربي، لكنني وبعد استفاضة في البحث وجدته من "شبرا"، ومصري أبا عن جد، ومصر قد احتلت كيانه بالكامل، كأنه راهب قد كرس جسده للفناء في هذا البلد القاس الغريب.



كذاكرة السمكة، لا أتذكر، لكنني كلما سألت عن لحن مميز أجده لبليغ...حتي بدأت في قراءة الشفاة، وتتبع بصمات الأصابع، وتوزيعات الموسيقي، وهو أمر علي غير المتخصص ليس بالسهل بالمناسبة، حتي توصلت لما يميز هذا الرجل...الذي انحنت له قمم الجبال احتراما وأوتي من مزامير داود ابداعا...

هذا غيض من فيض، والذكري لا تزال مستمرة، وأنا لا أتذكره في ذكري وفاته الحادية والعشرين فحسب، بل أتذكره في كل لحظة، في موسيقاه، وأغنياته، وأعماله، وصوته...ورقته....

راجع مقالاتي السابقة عن بليغ:

وانتظروا المزيد تباعا...وتصبحو علي خير :)

اقرأ أيضا في نفس السلسلة:
1- الجزء الثاني.
2- الجزء الثالث.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية أتاري...

كنوز مدفونة: صياد الطيور - جورج وسوف "الجزء التاني"

نادية الجندي....سور الصين العظيم..!