الليلة الثانية بعد ال21 - مراحله

استكمالا للحملة الصحفية المهولة اللي بدأتها ع البلوج هنا بمناسبة ذكري وفاة بليغ...
دي المقالة التانية...


الذكري....ذكري الوفاة..اللي احنا بنحتفل بيها...ليه دايما مصرين نكرم الموت ونعظمه ونتجاهل الحياة والأحياء....؟! الله أعلم...

المثل الشهير بيقول "بعد ما راح المقبرة بقي ف (ايده) سكرة" مشيها ايده، ومشيها اننا شعب بنحب الناس بعد ما تموت، الرئيس يبقي مطلع عين الشعب، ولما يموت يعيطو عليه، وبليغ يحدفوه بالطوب ولما يموت....يفضلو يحدفوه بالطوب بردو...
من الواضح ان بليغ حمدي شخص مضطهد حيا وميتا...وكأنه كتب عليه الغربة بداخل الوطن الذي عشقه حتي النخاع...

سمعت مرة أن في احتفالات عيد الشرطة -النبوي اسماعيل- وزير الداخلية وقتها، طلب من بليغ ان يلحن أوبريت للعيد، وطلب منه بليغ استثناءا أن يعود لمصر، فقال له بالحرف الواحد "لو رجعت هحبسك"، أساطير كثيرة سمعتها حول قضية بليغ، لكن الحقيقة الوحيدة أنه كان مظلوما، وان ما حدث له في نهاية حياته قضي عليه صحيا ونفسيا، ولما عاد لم يكن بليغ الأصلي..بل كان صورة باهته من حقيقته..

كشخص غير دارس للموسيقي، أقسم بليغ حمدي كملحن إلي ثلاثة أقسام...



1-      مرحلة الشباب.
شباب بليغ الفني يمتد من أول لحن قدمه لفايدة كامل في الستينيات، وحتي بداية السبعينيات، شباب بليغ كان نضرا، مليئا بالحيوية والانطلاق، والعاطفية كذلك...أغنيات مثل "تخونوه" أغنية مليئة بالعاطفية والحزن، الآلات الموسيقية لدي بليغ أدوات للتعبير عن المشاعر، وليس للاستعراض الموسيقي أو التقليد الأعمي، الموسيقي عن بليغ في مرحلة الشباب باتت تنطق باحساس الكلمة واحساس المغني.

اسمع معي أغنية تخونوه:



2-      مرحلة النضوج الفني.
النضوج الفني، بليغ بات متمكنا من أدواته الموسيقية، الموسيقي أصبحت سلسلة الانقياد، لينه، طيعة في يده، الأدوات الموسيقية أصبحت لعبه، اداة للتحكم، الموسيقي السهلة الممتنعة أصبحت هي السائدة، مع بداية الزخرفة الموسيقية التي أصبحت سمة المرحلة، لكنها زخرفة من صلب اللحن، من دمه، غير دخيلة عليه. نضوج بليغ الفني يتجسد في أغنيات قصيرة الطابع كأغنية "ليالينا" لوردة، وأغنية "يا غزال اسكندراني" لمحرم فؤاد.

اسمع "ياغزال اسكندراني" لمحرم فؤاد:

تجسدت براعة بليغ في الانتقال بين المقامات الموسيقية، واستخدام الات غير مطروقة كالبزق، والهارب، واستخدام الايقاعيات بكثرة في أغنياته، وميزة المرحلة بشكل عام هي استخدام الكورس في الأغنيات.

عبقرية بليغ في هذه المرحلة تجسدت بشكل أساسي في مزج التراث الغنائي القديم بالموسيقي الحالية، في أغنيات كثيرة مثل: "الحنة" لشادية، "بهية" لمحمد العزبي، "قولو لعين الشمس" لشادية، "مداح القمر" لحليم، بشكل أساسي مزج بليغ الجملة الغنائية التراثية في لحن غنائي جديد، فلا تدري أيهما الجديد وأيهما القديم، وستتعجب من قدرته علي الابتكار والبناء علي القديم، فتظل تري أساس البناء قائما، والبناء مرتفعا تختال به روعة.

اسمع "الحنة" لشادية:


يحسب لبليغ أنه أول وآخر من أقنع أم كلثوم بادخال الكورس في أغنية "حكم علينا الهوي"، ويحسب له أيضا أنه قد استخدم الكورس كلحمة واحدة مع اللحن، لا مجرد مردد للكلمات خلف المغني راجع معي مثلا استخدام الكورس في أغنية "وحشتوني" لوردة، التي لن تستطيع ترديدها من دون ترديد دور الكورس أولا.



3-      مرحلة النهاية.
النهاية، المرحلة التي تلت خروج بليغ من مصر، والتي خلالها قام بالتلحين لأنصاف المشهورين من المطربين، ومطربين شباب أيضا مثل "ذكري"، تغير خلال تلك المرحلة شكل الموسيقي، واستخدم بليغ فيها الموسيقي المعلبة، ولم يعتمد كثيرا علي الالات الموسيقية الحية، مما أفقد أغاني تلك المرحلة روحها المعتادة.

 الثمانينات عامة كانت فترة كارثية في الغناء عامة، انسحبت الالات الحية من الاستوديوهات لصالح الأورج والموسيقي المولدة من الكومبيوتر، وقل الاعتماد علي قدرات المغني الصوتية، وكنتاج لتلك المرحلة، ظهرت أغان كثيرة لبليغ لم تجد مستمعين لها، لاختلاف الأذواق، ولخضوعهم الدائم في عقلهم اللاواعي لمقارنة بين بليغ الثمانينات والسبعينيات، والسبعينيات تربح دوما.

ألبوم "رسالة من الغربة" كان أحد تلك العلامات المميزة لهذه المرحلة، وأحد أهم الأعمال التي تمت في هذا الوقت، ألبوم رسالة من الغربة كان أكثر من اغنية سجلها بليغ ك"جايد" بصوته لأكثر من مغن، منهم عفاف راضي، ولسبب ما لا أعلمه أنا، قام منتج ما بتجميع الأغنيات في ألبوم واحد، وطرحه في الأسواق، صدقني النتيجة كانت مآساوية، ربما لأنك ان كنت تعلم قصة بليغ، وسمعته يغني "وحشتيني يا مصر" ستنهال دموعك..لا أدري..ربما أتعامل بعاطفية شديدة...

اسمع "زي الزمن" بصوت بليغ حمدي:


في المقال المقبل، سنتعرض لبليغ حمدي الشاعر، الذي يجهل موهبته الكثيرين..ابقوا معنا.

اقرأ أيضا:
1- الجزء الأول.
2- الجزء الثالث.




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية أتاري...

كنوز مدفونة: صياد الطيور - جورج وسوف "الجزء التاني"

نادية الجندي....سور الصين العظيم..!