أمنيات التعلل.

 

اشتريت لابتوبا جديدا، لا أدري لم، لكن الأشياء تغلو كل يوم، وكلما أجلت الشراء صارت الأسعار أغلي وأغلي وأغلي، فنفد صبري، واشتريته بالتقسيط المريح -جدا-.

يتملكني وهم كبير أن حياتي ستصير أفضل بشراء هذا الجهاز الجديد، جهازي القديم آية في البطء، أضغط علي زر الباور، أذهب للحمام، أعد القهوة، وأبدأ بإحتساءها، وهو لا يزال يبدأ، كلما ضغطت زرا قلت الاستجابة، ومرارتي لا تحتمل.

تركت عملي القديم، وأسعي لطوي هذه الصفحة المزعجة من حياتي، مديرتي مزعجة، ترقية مستحقة تفوتني عمدا وعمدا تذهب الشركة لمقابلة مرشحين آخرين، من داخل وخارج الشركة، مرشحين لأداء وظيفة أنا أفعلها بالفعل منذ عام وأكثر، فاض بي الكيل منذ شهور، وبدأت في البحث بشكل جدي عن عمل، ووفقني الله، المال لا يختلف كثيرا عما أتحصل عليه الآن، لكن الوظيفة تأتي بمسمي وظيفي أعلي، وهو ما كنت أبحث عنه في مرحلتي العمرية هذه.

شابة ثلاثينية، لا تزال تحارب في وظيفة Entry level  وكلما تقدمت لمنصب أعلي، يعتذر الجميع "نريد خبرة في الإدارة"، صديقي الاتش ار العزيز: لو كانت لي خبرة في الآدارة لما تقدمت للعمل في شركتك التعيسة..

شركتي تجبر الموظفين علي البقاء مدة شهرين بعد التقدم بالاستقالة، شئ غاية في انعدام المنطق والسخافة، هل أنا رئيس مجلس إدارة الشركة لأبقي شهرين كاملين؟ هل عملي بهذه الأهمية اللامتناهية؟ هل هذه المدة تعني شيئا علي الاطلاق؟ لا وألف لا، هي فقط لا تعبر سوي عن قرار خاطئ وانعدام في الفهم والمنطق..

دعوني أخبركم بم حدث بعد تطبيق مدة الشهرين بعد الاستقالة: أحد زملائي كان يعمل لكن ليته لم يعمل، حتي أوصلت الخبر للإدارة بأننا جميعا نعاني بسبب تعمده الخطأ، زميلة أخري سافرت إلي دبي ولم تعد، ولم ينج أحدا سوي المفضل لدي المديرة.

المديرة: السبب الرئيسي لهروبي من هذه الشركة، تؤمن بمبدأ فرق تسد، لا تفقه شيئا عن الأدارة ولا التعامل مع البشر، تزرع المؤامرات والفتن، تنقل الكلام يمنة ويسرة، تقمع المواهب حتي لا يبدو أحدا يلمع سواها، وتعلم تمام العلم أنني مؤهلة لوظيفتها وأعلي.

 

قبيل استقالتي بعدة أيام، أرسلت ايميلا اتسائل عن الوظيفة المرتقبة والتي أنا أحق بها علي سبيل الترقية، لا عبر عشرة مقابلات شخصية مع مديرين يعرفونني تمام المعرفة واختبارات لا يعلمها إلا الله، لتخبرني موظفة الموارد البشرية، أننا لا نزال نبحث مع الإدارة هل انت مؤهلة للتنافس علي هذه الوظيفة حيث أنها وظيفة أعلي، استفزني الرد، وقررت في قرارة نفسي أنني سأرحل في التو، قررت إعطاء الأمر فرصة أخري، ودخلت في اجتماع أخير مع مديرتي المستفزة.

 

في هذا الاجتماع، كررت مديرتي مرارا "لا تتحدثي مع أحد"، أخبرتها أنني لا أتحدث بالفعل مع أي أحد، فزل لسانها وأخبرتني "أنت لا تعلمين ما أقول أنا عنك حتي"، أها، والله ووقعتي يا مستفزة، أنت من قال عني أنني مزاجي يتحكم في عملي، مديرتها أخبرتني أنني أحيانا أذهب للمكتب عابسة، أخبرتها أن هذا شئ طبيعي، أنا لا أبتسم طوال الوقت، وأعمل وأنا مريضة لأنكم تحاسبونني علي غيابي المرضي الموثق بروشتة دكتور، وأتعاطي مع الاكتئاب طوال الوقت، فأجابتني المديرة الأكبر "لم يخبرني أحد أنك تتعالجين من الاكئتاب؟" أخبرتها أن هذا أمرا شخصيا، وأنكم جل ما تريدون هو نسخا ممسوخة، وأن جو الشركة الخانق السام لا يسمح بالتميز الشخصي ولا اللمسة الشخصية، جل ما تريدون فقط هو مسوخ مبتسمة، وبيد كل مسخ خنجر، تماما كمديرتك المفضلة الأثيرة "المستفزة".

 

أعلم أن لي أخطاء كثيرة، لكنها ليست بالأخطاء الجسيمة، عملي الجاد يشفع لي، أعطيت الكثير، لكنني لم أحصل علي شئ، وكل مرة أسمع الآتي "نحن ننتظر منك المزيد"، المزيد بعد كل ما أقدمه هو كليتي اليسري، أو نخاعي الشوكي، أكتب عنكم الآن لأنني قد طويت صفحتكم، أكره النسخة التي حولتموني إياها، وأكره أسلوب إدارتكم الأحمق، ان كنتم تظنون أنكم ناجحون، فأنتم النقيض، أنا لم أترك الشركة، لقد هربت منكما...

تركتكم، غير آسفة، وغير نادمة علي هروبي منكم، غير مأسوف عليكم..علي الاطلاق.

 

ريم.

3 أغسطس 2023