ما فعله الProzac بالشونج..!
الحلقات كانت تضيق حولي، كل شئ اتسم بالسواد، كل شئ صار قاتما، معتما، لا شئ يعكس الضوء، كأنني أقبع في ثقب أسود...
تركتني صديقتي الوحيدة أو هكذا توهمتها طوال سنوات طوال، صرت أراها أمامي في العمل وكأنها تمشي علي نياط قلبي، حتي العمل أصبحت لا أطيقه ولا أتحمله، وغبت حتي ظننت أنني سأتلقي خطاب إقالتي عاجلا او اجلا.
البكاء والنوم والنواح والتفكير السوداوي كانوا من أهم علامات المرحلة، الصمت المطبق، فم لا ينفتح إلا للأكل، وحتي الأكل المستمر صار لا معني له علي الاطلاق، كأنني أمضغ القش، وأبتلع الورق.
صرت أتحرك في البيت كالشبح، وأطلق السباب عامة وكافة في الجميع، لا شئ يثير اعجابي، ولا أحد يساعدني، ولا أنا أساعد نفسي.
صوت الموسيقي في أذني تحول لما يشبه الطنين، شكلي في المرآة صار يثير الرعب والفزع، شعري المنكوش، حلقات عيني السوداء، يدي الخشنة والقاسية، أسبوع لم تمس جسدي المياة ولم أقو حتي علي الاستحمام....
تمنيت مرارا لو انتهت حياتي، لم أتحل بالقدرة علي انهائها إلا مرة أو مرتين، لا شئ يمنعني من انهائها، والوازع الديني عامة وازع واه أو غير موجود، لذا لا حبيب، لا صديق، لا هدف، ولا حياة لنحياها عامة.
لم يعد لدي سوي "تويتر" صديقي الوحيد، يستوعبني، ويمتص آلامي، لا يضايقني، ولا ينظر لي نظرة حقد، لا يقول لي "انتي لا تحبين أصدقائك" ولا يقول لي "اربطي شعرك" ولا يقذفني بفردة شبشب طائشة، ولا ينعتني بالسمينة القبيحة، من تويتر كانت بداية الشفاء.
اعترفت مرارا أنني مريضة، واعترفت من زمن بحاجتي للقاء طبيب نفسي، لكن الطبيب النفسي ببساطة لن يسمعك، لأنني أعلم أن الحل في يدي، الحل هو أن أبدأ الثقة في نفسي وأستوعب ألمي، وأمارس مزيدا من الضغط علي احباطي لأتحكم في عالمي الذي يتقاذفني كالريشة التافهة.
الحل سهل، وانا أعرفه، لكن كل شئ سهل القول صعب التنفيذ، وانا عن نفسي لم أستطع أن انفذ حرفا فيه، الألم والاكتئاب أقوي من كل شئ.
لجأت لكل شئ، لجأت قديما للصلاة، زادتني ألما، لجأت للموسيقي حتي صارت تزعجني، كل الأشياء التي أحبها تزعجني، لجات للصديق خذلني، وأمي بالتأكيد لن تستوعبني، الاكتئاب ألم معنوي، يصعب علي الانسان العادي عامة استيعابه.
امك قد تستوعب انك مريض بالايدز لكنها مطلقا لن تستوعب أنك مريض اكتئاب، حلها لكل شئ "قم نظف غرفتك"، وعلاجها لكل شئ "خذ حماما"، "صل".
جربت كل شئ، جربت السجائر، الشيشة، الأكل، الصرمحة، وأوشكت أن انزلق في منزلق لا أخلاقي مع رجال لا مبادئ لها، مجرد تفريغ شهوة، حتي الشهوة والجنس فقدا معناهما، وبالتالي توقفت، لأنني لا أقبل، انا لست حيوانا.
صديقي الصدوق، من تويتر، هو الذي نصحني، قد تتفاجئون أنني قد أخذت نصيحتي من صديق وليس طبيب، ولا شخص له دراية بالطب، لكنني جربت، كنت في يأس وحيرة، والحل كان مبهرا ونتيجته سحرية !
نصيحة صديقي كانت تعاطي البروزاك، سألته مرارا: هل هو ادماني؟ هل هو مدرج في جدول المخدرات؟ قرأت في جوجل عنه وعن اثاره الجانبية، وجدتها إلي حد ما مشجعة، وسألت عن سعر الدواء، وقررت في داخلي أن اشتريه.
لا أظن أن أحدا ما سيدرك المعاناة التي كنت أمر بها سوي مريض اكتئاب قديم، لا أحد سيدرك مرارة الدموع، وحزن الوحدة، وذل الحياة بأسرها سوي من مر بهذه المعاناة.
بدأت بتعاطي الدواء في أحلك يوم مر بي، يوم كسرت نظارتي وبقيت ثلاثة أيام من دون نظارة، النتائج من أول لحظة كانت عظيمة..!
الالام المبرحة في جسمي قلت حتي تلاشت، صرت أنهض من سريري بسهولة، صرت أتأمل شكلي خصوصا أنه تغير بعدما خلعت نظارتي الطبية باعجاب، صرت أضع مساحيق التجميل، واشتريت ملابسا جديدة وأحذية جديدة، وصرت أبتسم، وقطعت علاقتي بمنحرفي المكالمات الجنسية، حتي صديقتي السابقة التي كنت أتألم كلما أراها صرت وباختصار أبصق عليها وعلي ضعفي تجاهها، ثم صرت لا أحس بشيئ تجاهها.
شهيتي عادت للأكل، أصبحت أستطعم، ثقتي بنفسي عادت، أصبحت أحاول طرد الأفكار السوداوية، وأريد بشدة الانتظام في عملي الذي أهملته طويلا، أريد الاهتمام بشكلي أكثر، أريد فقدان وزني الزائد، أريد أن أصبح أجمل وأكثر جاذبية.
سأداوم علي البروزاك بقية عمري ان كانت حياتي ستظل متوازنة، الاكتئاب ليس عيبا، العيب ألا نعترف به.
ريم.
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقك يسعدني..يا أفندم!