500 Days of سمر.....!



طوم استمر بتحطيم الأطباق لما هجرته Summer، طوم كان لا ينام، لا يأكل، لا يتحدث، وان تحدث يتحدث عنها، وان بكي بكي لها، وان لمس شيئا افتقد لمستها، مكالمتها الصباحية، ضحكتها المجلجلة، النسكافيه من يدها، طوم افتقد ملاحظاتها حول "ستار اكاديمي" الذي لا يطيقه، وكلما نظر إلي إحداهن، رآها....كأن العالم كله أصبح Summer....كذلك أنا....و"سمر".....



هي تكره أن أكتب عنها وأتكلم عنها، هي لاتدرك كم الألم الذي سببته لي، لاتدرك أنها أفقدتني صديقتي الوحيدة، وعكازي الوحيد، وحضني الوحيد، وحبي الوحيد، أشعر بأنني أبالغ، لكنني كنت أحب سمر وبشدة، كانت الأخت التي لم تلدها أمي، وكانت الصورة الجيدة مني، وكانت خفيفة الدم، تفهم الإفيه والنكتة، الكلام معها متعة، الصمت معها متعة، وما في جيبك لها ان طلبت....هكذا كنت أفترض....



عادة عندما أحتاج للنقود لا أستعير من أي شخص، الشخص الوحيد الذي علم بأن أبي ترك المنزل كانت "سمر"، الشخص الوحيد الذي علم بحالتي كانت "سمر"، الشخص الوحيد الذي بحت له بمشاكلي مع أبي وأمي كانت هي، وفي خضم كل هذه المعمعة، ووبينما كنت "أغرق" تركتني....



في مشهد شهير في الفيلم 500 Days of Summer عندما حاول أصدقاء طوم ترتيب موعد له مع فتاة أخري، لينسي حبيبته السابقة، كان من البؤس أنه أبلغها بأن حبيبته السابقة "She Took a shit on me...literary" وعندما استفسرت البنت عن معني الكلمة، هل كانت حرفيا -لمدلولها المقرف- عاد طوم عن كلامه، لكن البنت أدركت بالطبع كم هو مشوش وتركته ورحلت، هكذا أنا....وهكذا طوم....



لا أبالغ ان قلت أن علاقة الصداقة أوثق من علاقة الحب، وأن الحب يذوي مع الوقت والصداقة ليست كذلك، تصورت بعد كل هذه الأعوام أنه لا انفصام لعري الصداقة، تصورت أنه لدي صديقة أستطيع أن أخبرها باطمئنان أنني حصلت علي أول قبلة، ودخنت أول سيجارة، وقدت سيارة لأول مرة، وأبعد من هذا.....لكن للأسف.....واجهت هيئة محكمة...لا صديقة...واجهت محكمة بحكم تم اصداره وتنفيذه....وكان هو الاعدام...



ولما دافعت عن حقي في أن هذه تصرفات شخصية، اتهمت بأنني ليس لدي سلام نفسي، وأنني أكره أصدقائي، وأنني معهم فقط لأنني أخشي الوحدة، وأنني أكره لهم الخير..... واتهامات أخري بعضها صحيح والآخر باطل....لكن في النهاية، انزويت جانبا، فنبذتني، وتركتني، وادعت أن ال"حاجات الحلوة" اللي جوايا ماتت....برغم أن دمائي لا تزال علي كفيها.....


أصدقائنا هم من يشكلوننا، ويشكلون وعينا أو جزء من وعينا، وارادتنا ترتبط أحيانا كثيرة بإرادتهم، أحيانا تتمني لهم الخير، وأحيانا تشعر بالانزعاج من تغيير طيب في حياتهم لأنك ستبقي وحيدا، أو لأنانية فيك، الانسان بطبعه أناني، لكننا نتغلب علي جانبنا السئ مع أصدقائنا، ونكبته بعيدا داخل الأعماق...



أذكر يوما ما، منذ عامين، أو ثلاثة، في أحد الأبريلات.....كذبت سمر علي وقالت لي أنها تمت خطبتها، يومها أنكرت الخبر، ولكنها أكدت لي، فبكيت، لا أعلم لماذا بكيت، لكنني بكيت لأنني شعرت بأنني وحيدة، وأن حياتها أصبحت منفصلة عن حياتي، وأنها ستبتعد كما كل المخطوبات، الجميع يذهبن لنفس الناحية، والجميع يبتعدن عن أصدقائهن السناجل خوفا من الحسد، او بتعلميات من الخطيب....



دائما ما كنت أختنق من شيماء، نفسنة بنات درجة أولي، شيماء فتاة جميلة، طيبة، متدينة، ووقوفها إلي جواري كأنثي عادية يصيبني بالاختناق، الحقيقة أشعر أن هذه النوعية من البنات تسحب الأكسجين من الجو.....حقي...شيماء صديقة سمر، حاولت دوما أن أكون ودودة مع شيماء، لكن نفسي كانت أقوي، خصوصا انها كانت "غبية" إلي حد ما...سامحني يارب، بس حقيقي انا أكره البنات الغبيات.....حتي سيرتها الذاتية التي كنت أعدلها يوما ما بيدي هاتين تنم عن غباء فاحش، حتي عملها معنا في الشركة كانت غلطة عابرة......أرزاق مقسمة بقي.....لكن شيماء ظلت كحاجز بيني وبينها تكبر، وتكبر وتكبر، وأحاديثها كانت عنها تزداد، وتزداد...وتزداد...


تعرفت علي عائلة شيماء، وأخواتها، وألوانها المفضلة، وأصدقائها السابقين، وكيف كانت ماهرة في العمل، العمل الذي رأيت بأم عيني كيف كان الجميع يكرهونها فيه لأنها "متوولة"، لكن شيماء كانت طيبة، وتتمتع بنفس السذاجة والتلقائية التي كانت في سمر يوم أن التقيتها، وسمر أحبتها حقا، وهما مقربتان جدا جدا جدا.....وها أنا..."الجلفة" الجافة......التي لا تعير أحد انتباها في عيد ميلاده، لأن لا أحد أصلا يلتفت لعيد ميلادها، حقا، في سنين عمري لم يحضر لي أحد حتي شمعة وينفخها في وجهي، رغم أنني داومت وبشدة علي حضور أعياد ميلاد...

كانت رغبة مكبوتة في داخلي لكن اعتبرها أمنية طفولية، تمنيت يوما أن تصطحبني سمر في رحلة تسوق طويلة، نصرف فيها مرتباتنا، ويتغير فيها شكلي من غير المهندم إلي الفتاة الشيك، وكلها أماني لا وجود لها في الحقيقة....

استمر أنا بتكسير الأطباق، وبتجاهلها في الراحة والجاية وهي أمامي في الشركة، وهي كذلك.....يا الله...مجهود التجاهل أكبر بكثير من مجهود الحب، الكراهية تقتل....وتمحي من علي وجه الأرض......



أفتقد مكالمتك الصباحية، وأقسم أنني كنت أتكلم عنك لأنك صديقتي الوحيدة، وأعلم أن بدائلي عندك كثيرة، وأن ثمني عندك بخس، وأنني لا شئ لك، وأقسم لك أن قلبي انقسم نصفين من يوم تركتيني، وأنني لم اعد ولن أعد كما كنت، ورؤيتك أمامي تقسمني، وانا مستمرة بتكسير الأطباق، والنوم بلا أحلام، والنظر إلي صورك التي لن أمسحها، لكن زجاجة العطر التي اشتريتيها لي، رميتها، والأغنيات التي تحبينها أكرهها، والطريق التي تمشين فيها لن أعبرها.....



لن أكرهك لكنني أكره نفسي وأكره ضعفي فيكي.....وأكره النفس التي أحبت بصدق كل هذا الحب، ولم تتوقع يوما ما الفراق، أكره الضعف....وأكره نفسي.....وقد أتي هذا الوقت أن أدعك تذهبين من ذاكرتي تماما كما ذهبت Summer من ذاكرة طوم.....

لكنني تعلمت درسا قاسيا.....وهو أنني لن أقابل Autumn لأن "سمر" تركتني ميتة.....
فشكرا...علي الدرس....يا "سمر"....


ريم
20 مارس 2015 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية أتاري...

كنوز مدفونة: صياد الطيور - جورج وسوف "الجزء التاني"

نادية الجندي....سور الصين العظيم..!