يا قلة المزاج...

المهندسين...ليلة صيفية حارة...أشبه بليالي رواية منخفض الهند الموسمي، كأن سيد العجاتي في سيارته ال128 ومعدي من شارع السودان الساعة سبعة مساءا....

السماعة في زوال، المناديل في الشنطة، خلصت الشغل، نزلت زي السهم...دايما باحب اتحرك في شكل سهم، من نقطة لنقطة بيرشق...كلامي مباشر وصريح، سهم بردو...

اخترق الشوارع كأنني علي عجالة، رغم ارهاقي، وأسمع صوتها ينادي من بعيد...كأنها في حالة انتشاء، وهمهمات بداية الأغنية تجعلني علي ترقب بما ستغنيه...

"الحزن ليه علاج،
 والخوف ده ليه علاج..
.لكن علي فين نروح...من قلة المزاج..."

دائما ما ترتبط كلمة المزاج عندي بعادل امام، لسبب بسيط....قرأت مرة في مجلة العربي حديث مع عادل امام ويحاوره محمد المنسي قنديل...عنوانه "عادل إمام، عدو المزاج العكر"، ومن يومها كلمة المزاج مرادفة لعادل إمام....

"امبارح ليه طويل...وعايش للنهاردة...
من ليل ندخل ف ليل..ونشرب قهوة باردة...
ونعيش للمستحيل...نلاقي العمر عدي..
في قلة المزاج...."

أعبر شوارع المهندسين كالسهم، وشارع السودان بأنواره الضعيفة يصيبني بالنوم، الشارع ناعس مثلي، السيارات تعبر ولا تتوقف، والكل في عجالة، والأكسجين انتهي من الهواء، وانا أقف في كسل، محاولة توقيف سيارة...لكنني فشلت....

"بنخاف من الحقيقة....نطمن للخداع
 ودقيقة تجيب دقيقة.... نتفاجئ بالوداع 
وبخمسمية طريقة نلاقي العمر.... ضاع ف قلة المزاج
 يا قلة المزاج "

السيارة تقف، أنحشر فيها، أسند رأسي لشباك الاوتوبيس، والتباع لا ينفك ينادي...فيصل فيصل فيصل فيصل...سيدي الفاضل فيصل تحلل خلاص ومات من زمن...مش هيرد عليك....اطلع بقي...

العربية سخنة...ودماغك سخنة...والجو حر....وانتا لوحدك...السماعة في الشنطة بتأن...الموبايل ف ايدك بيأن....رجليك بتنقح عليك....ولسان حالك بيقول...موت بقي...

"عايزين نعمل مؤامرة
 نوقف الساعات
ونكمل المغامرة
فنلغي الذكريات
أحسن من غير ما ندرى
 نلاقي العمر فات"

تندفع من المواصلة كأنك تندفع إلي رحم أمك، سائق التوكتوك اللزج: توكتوك يا ابلة...تجاهلك له، شجارك مع سائق الميكروباص الثاني، صياحك فيه لينزلك في محطتك...انحشارك ثانية وسط الركاب، كأنك تمضي نصف عمرك في الشوارع، حتي المطبات حفظت خطواتك عليها، والشوارع ملت من ذهابك وإيابك...

أما آن أيها الفارس أن تترجل؟ أما آن أيها المسافر أن تعود؟؟


هوامش: 
1- أغنية قلة المزاج لفيروز كراوية من كلمات مؤمن المحمدي، وتوزيع أسامة الهندي...! اللينك هنا... 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية أتاري...

كنوز مدفونة: صياد الطيور - جورج وسوف "الجزء التاني"

نادية الجندي....سور الصين العظيم..!