عن الليثي....

أنا لا أخجل من ذوقي الموسيقي، ولا أستحي فيما يخص الموسيقي، أيا كان اللون الموسيقي، أيا كان المؤدي، أيا كان الظرف الذي سمعت فيه الأغنية، اللحن الجميل، والعمل الفني المتكامل هو سيد الموقف، ولا يخفي علي الجميع، أنني أكن حبا كبيرا ل"محمود الليثي".

Image result for محمود الليثي

علي قمة الغناء الشعبي، في رأيي الشخصي، يحتل "عبد الباسط حمودة" المرتبة الأولي، قدرات صوتية كبيرة، لون خاص، مفردات بسيطة وشعبية ، تنبع من مطرب "ضربة معلم" الذي استحق الميوزيك أوورد عن جدارة، لولا أنها لا تمنح لمن هم مثله، ولا تعترف إلا ب"عمرو دياب" وأمثاله، حتي "الحكمدار" نفسه، لا يعترف ولا يلقي بالا لهذه النوعية من الدعاية، يلي الحكمدار في وجهة نظري هو "الليثي" –محمود وليس اسماعيل- شجعتني آخر ما سمعت من انتاجاته لكتابة هذه المقال بعد توقف طويل عن الكتابة عن الموسيقي، لأنها أغنية جميلة، عمل فني نابض بالحياة.

أعرف محمود الليثي منذ زمن طويل، لم أعرفه سوي من صوت المرأة الحاد التي تقدمه في بداية أعماله "عزيزي المشاهد، عزيزي المستمع، مع نجم الأغنية الشعبية محموووووووووود الليثي" ثم تمد في الواو، ثم تبدأ أعماله المتنوعة المختلفة، كعادة من سبقوه في عالم الفن "الشعبي" والذي لا أجد هذه الكلمة ملائمة بشكل كبير لهذا اللون، الأصح وصفه بالفن "المصري" لأنه المعبر عن الشارع المصري بشكل كبير، منضما إليه فن المهرجانات، الذي أخذ وضعه مؤخرا مع تطور ألوان الغناء، وتعدد المدارس الفنية – وإن كان معظمها لا يدري بأنهم أصحاب مدارس فنية فعلا – لكن، تسهيلا علي الجميع في الإشارة إليه، سنطلق عليه فقط مصطلح "الفن الشعبي".

بدأ محمود الليثي في الأفراح المصرية، وأولي أعماله المسجلة كانت اعادة لأغنيات من التراث مثل أغنية "هذه ليلتي"، توزيعها بمقسوم شرقي يناسب جو الأفراح، ثم تنويع علي غناء "أم كلثوم" وغيرها من مطربين كبار، ثم تعددت أعماله المستقلة، وإن احتوت أحيانا علي اشارات واضحة سواء بالألحان أو الكلمات لأغنيات قديمة، يتم دمجها بحرفية في متن اللحن الجديد، فلا تدركه الأذن الغير خبيرة.

نسمع الليثي في أداءه لأغنية "هذه ليلتي" وهو يحافظ بشكل كبير علي أداء الكلمات بالشكل الصحيح تماما كما أدتها أم كلثوم، لكن يغنيها بطريقته الخاصة، والتركيز علي "إفيه زاعق" يطلق الليثي منه مجالا لأغنية أخري.

بالمناسبة أغنية "هذه ليلتي" أداها أيضا المغني "ناصر صقر"، واشتهرت بأغنية "سترانا"، ونالت نصيبا كبيرا من الشهرة وقتها في الأفراح المصرية.

اسمعها من هنا:


واستمع عزيزي لنسخة "الليثي" من هنا:


بداية تعارفي الحقيقية مع "الليثي" كانت من خلال أغنية "أنا القتيل" وهي للغرابة الشديدة جزء من مديح صوفي لقصيدة ل"ابن الفارض"، لكن الليثي بمرونة ومهارة شديدة حولها ل"أنا القتيل، والله يا حاج عمر انا القتيل"، بعدها سمعت أغنية "الأنبياء" ومن خلال كتاب لهيثم دبور قدمني لأغنية "الست لما" واسمها الأصلي "سيما يا دنيا"، ثم "سوق البنات" و غيرها.

ما يميز صوت محمود الليثي بحق، هو فطرته الفنية السليمة، يمزج ألحانا، يصل هذا بهذا، ويدمج أم كلثوم في حليم في جورج وسوف، لينتج لنا عملة ذهبية جديدة، يتردد صداها كلما سمعت الليثي يغني.

كذكريات شخصية مع الليثي، ارتبطت بأغنية وحيدة وأنا أنهي مشروع تخرجي في العام 2012، أغنية من فيلم "حصل خير" اسمها "زاهد الدنيا – ياساتر"، يغني من طبقة عالية، ارتبطت بها ارتباطا شديدا، لعادتي السيئة أثناء المذاكرة في لعب أغنية واحدة وتكرارها كي أحتفظ بتركيزي في البرمجة والكتابة، الأغنية في مضمونها تعبر عن الزهد والدنيا، وفي هذه الفترة، شهد نجم الليثي صعودا كبيرا، من خلال "السبكي".

في البداية وبالتحديد في فيلم "شارع الهرم" أفردت مشاهد كاملة لإبراز أغنيات الليثي، منها أغنية "البت الجامدة"، واستخدم السبكي الأغنيات للدعاية، لكن في كل مرة يتناسي الجميع الفيلم تماما، وتبقي الأغنية صامدة! توالي النجاح رويدا رويدا، حتي استغني السبكي عن خلطته الشهيرة، واستعان بالليثي مباشرة في أفلامه بصحبة "بوسي" أو "صوفينار"، فأصبح محتوي الفيلم لا يهم علي الإطلاق، الفيلم ينجح والجميع يخرج "سعيدا" ولكن تبقي الأغنيات – وقد أكون أبالغ- خالدة.

في أغنية "ياساتر"، وكعادة الليثي في دمج الأغنيات، دمج جزءا أدته أم كلثوم في أغنية "ليلة حب" (تعالي تعالي ) في أغنيته، ليخرج لنا ذهبا خالصا.



كذلك فعلها في أغنية "اذا كان قلبك كبير"، حيث كان الجزء الثاني مقتبسا من أغنية لمحمد قنديل "ان جيتنا يا جميل / علي عيننا جيتك" فتحورت لتصبح "أذا كان قلبك كبير، تردلنا الجميل/ القلب يا جميل عشمان ف حضرتك" إلي آخره. كذلك في أغنيته "عم يا صياد" اقتبس لحن الموجي من أوبريت النهاية في "صغيرة علي الحب" مع توزيع "محمد عبد السلام".

اسمع "ان جيتنا يا جميل" ل"قنديل":


واستمع إلي "اذا كان قلبك كبير":


قائمة  الاقتباسات طويلة، لن تنته، لكنها بحق بديعة، لا أدري لمن أوجه الشكر، لليثي نفسه، للموزع، أم للملحن، لكن الليثي صوت قوي، وقادر علي تقديم المزيد.


آخر ما سمعت اليوم لليثي اليوم كانت أغنية "دنيا سيما سيما" و"أطاوع"، وكلتاهما من فيلمين للسبكي، بالتأكيد لن أتذكر اسم الفيلم، لا أهتم، صوت الرجل قادر، ولا يزال عطاءا مثمرا، لكنني بحق اتسائل، من صنع الآخر ورفعه عاليا؟ السبكي صنع الليثي، أم العكس هو الصحيح؟

قبل أن ترحل، أريدك أن تستمع لصوت الليثي وهو يؤدي أغنية "بعدنا ليه" لمحمد حماقي، لتعلم أن الليثي صوت جبار، لو خرج من نطاق أغنيات الأفراح، حرفيا "سيكتسح الجميع".





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية أتاري...

كنوز مدفونة: صياد الطيور - جورج وسوف "الجزء التاني"

نادية الجندي....سور الصين العظيم..!