صعبان عليا: مرثية للنفس....
صعبان عليا
كلمات: محمد رفاعي - ألحان: شريف تاج - توزيع: طارق مدكور.
هذه المقالة عن عمرو دياب، أو كيف تصنع مرثية حزينة للنفس في خمس خطوات...!
أغنيتنا اليوم هي "صعبان عليا" أو "بعترف" وهي أغنية تم اصدارها في العام 2000 ضمن أغنيات ألبوم "تملي معاك" واشتهرت بشدة في زمن الموبايلات ال6600 والدمعة، والنغمات ال Waive وكانت تستخدم كرنة تليفون حتي مطلع 2003 تقريبا..
لا أعتبر نفسي مستمعة مخلصة لعمرو دياب، أنا أميل لجيل تامر حسني، لكن يبقي عمرو دياب، رحلتي مع تاريخ الهضبة بدأت منذ أربع سنوات فقط، وقررت أن أحكم عليه من بدايته الفنية حتي الآن، وبالفعل، حملت أعماله الكاملة، وأمضيت شهرا كاملا أستمع لها، حتي الأغنيات التي قرر عمرو دياب نفسه تجاهلها من تاريخه، بداياته الشبيهة ببدايات مدحت صالح وعلي الحجار، وتغييره لمساره الفني، ونوعية الأغنيات التي كان يؤديها، وخامة صوته المميزة..
باختصار خامة صوت عمرو دياب لم تكن شرقية الطبع ك"علي الحجار" ولم تتخذ الطابع الحنون مثل مدحت صالح، بل بقيت محتفظة برنين مميز، قلما أن تجده في صوت رجالي آخر، فما يميز صوت عمرو دياب هو سلاسته، صوت ليس بالأجش القوي، ولا بالناعم الرقيق، يجيد بعض الالتواءات الموسيقية، له رنين مميز، هو دائما ما يجعلك تنجذب لأغنيات أقل ما توصف به بأنها "تافهة"، لا لشئ إلا لأداء عمرو المميز لها..!
أغنيتنا اليوم، والتي علي غير العادة أعيد اكتشافها معكم اليوم "صعبان عليا"، تطبق خمسة مراحل في رثاء النفس، كيف تصنع أغنية حزينة وصوت المطرب لامع براق مثل عمرو دياب.؟
1-ا ابدأ بداية هادئة...
تبدأ الأغنية بداية عظيمة، مجرد بعض البركشنز للحصول علي قوام لازم للأغنية، كأنها ليست الأغنية فعلا، فغالبا ما يستخدم ايقاع البركشنز لأداء أغنية ال"جايد" من الملحن، للمطرب، دون الدخول في تفاصيل التوزيع، مجرد دليل من الملحن للمغني ليعلم كيف يغني، الشئ الوحيد الراسخ في ذهني أن أغنية مثل أغنيتنا تلك لم يتم تلحينها علي جيتار أو عود، بل تم تلحينها "تطبيلا" تماما كما يغنينا عمرو دياب...!
2- أضف القليل من الكمان للحصول علي الكآبة المطلوبة...
من أشهر صولوهات الكمان في أغنيات عمرو بعد أغنية "ولا علي بالو"، تماما في المكان الصحيح، قبل دخول صوت عمرو المستعار، ف طارق مدكور يحضر لنا مفاجأة، ويمهد لنا بصوت عمرو دياب، الذي سيدخل تماما في وقته بالظبط، ليعلن للجميع "اه بعترف"..!
3- دع صوت الصولويست يلق التعاطف...
بعد بداية صوت عمرو الزاعقة، وخفوت صوت الكمان، يبقي فقط ايقاع الأغنية في الخلفية، مجردا من أي آلة موسيقية مصاحبة، وهنا يتلاعب عمرو بصوته الذهبي، فيصيح بيأس "أه بعترف اني هويتك..! وانت اللي مليت عينيا..! ظلمت روحي وحبيتك...وكنت الدنيا دية...سيبني لحالي، ومتصعبهاش عليا..!"
ثم يهاجمنا طارق مدكور مرة أخري بصوت عمرو المستعار مع بعض الزيادات الطفيفة في التوزيع في الخلفية، لكن تبقي وحشية صوت عمرو، لكن هذه المرة يصاحبه صوت الكمان...
4- مرر رسائل خفية للمستمع...
بداية الكوبليه الثاني، ودخول مفاجئ للجيتار....فتصبح التكوينة لدينا هي جيتار، ايقاع، صوت عمرو دياب المستعار في طياته موسيقي خفية، رسالة خفية، وشحنة زائدة من المشاعر بعد صدمة الكوبليه الأول...
فنري مع صوت عمرو الممستعار الجيتار، ومع صوت عمرو الصولو الكمان، آلتان تردان علي بعضهما البعض، في معركة غير متكافئة الأطراف، والضحية نحن..!
يغنينا عمرو:
"كل اللي بينا يا غالي، موش راح تنساه عينيا، لا تلوم علي قلبك يا غالي...دمعك عزيز عليا..
صدقت حبك يا حياتي...حبيت خوفك عليا...نظرة عينيك ويا آهاتي..لمسة ايدك ايديا...روح وانساني...ومتصعبهاش عليا...!"
5- اضرب مشاعر المستمع في الخلاط....مبروك..!
هل انتهي طارق مدكور من العبث في مشاعرنا؟ لا بالطبع! لابد من فينالي زاعقة وحراقة..! فينالي تضم الجيتار، والايقاع، والكمان، وايقاع التصفيق، وصوت عمرو المستعار، وأحلامنا المحطمة، وطموحاتنا المبعثرة..وشرايين ممزقة...!
المشكلة أن الأغنية انتهت ولا أحد فينا يعلم من هو المخطئ؟ عمرو؟ أم حبيبته؟ أم نحن!
في هذه الأغنية أنا لا أدري بالتحديد هل الأغنية تحتضن صوت عمرو، أم صوت عمرو هو من يحتضنها، ما هو السر وراء الحزن الدفين فيها! هل تلاعب طارق مدكور بالتوزيع هو السبب فعلا! أم أداء عمرو؟ في النهاية هي مرثية بديعة لقصة حب تنتهي...لو اكتملت ما كان كتب لها كل هذا الألق والجمال....!
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقك يسعدني..يا أفندم!