فؤادي...
"الحبايب
مبيقسوش..حلوة مرة..ف يوم..مباعوش..."
من عذوبة الصوت ودفئه لم أقاوم ما قال، آمنت
عليه وآمنت به، من يحبك حقا حتي وان كرهك قليلا فلن يقسو عليك، فلا أم تقسو علي
ولدها ولا حبيب علي حبيبه...
بحة صوت محمد فؤاد لا تقدر بثمن، وهو مطرب
الطفولة، والصبا، ومن احتلت شرائطه مكانا عليا عندنا في ذلك الشباك المرتفع، وجهاز
التسجيل الأسود الكبير، الباناسونك.
الصوت العبق بكثير من السحر، يهتف في يأس
"انا لو قلت هقولك...قلت هقولك..مش مستاهلة عذاب" وانا أصدقه تماما، مرت
الأعوام وتناسيته، وكففت عن تصديقه، وصدقت من هو أعلي صوتا منه، وأبيض بشرة، وأرشق
قواما، وبقي فؤاد في طي النسيان من الدماغ أعوام لا عدد لها.
أتذكر في عام من الاعوام، أظنه في منتصف
سنوات دراستي، كنت في شرفة شقتنا، ممسكة بسور البلكونة في الهواء العليل، وحدي
كالعادة، ووجدتني أترنم بها، مقطع من منتصف أغنية عجزت عن تذكر اسمها، تقريبا غنيت
المقطع من النهاية للبداية، ثم تذكرت اسم الأغنية تدريجيا.
"أنسي الماضي وأبدأ تاني، وانتا معايا؟"
هتف في وانا أحاول ايقاظ ذكرياتي القديمة، لكنني لم أيأس، ولم أسلم قيادي للأهواء،
وقادتني الظروف إلي حاسب أحدهم الشخصي حيث كان يجمع أعمال فؤاد الكاملة جنبا إلي
جنب.
فؤاد الرقمي لا يقل عذوبة عن التناظري، وصوته
خارجا من سماعات الكومبيوتر أعذب من صوته في سماعات التسجيل، الشريط لا يصيبه
السفف، ولا العطب، ولا يتغير صوته، ولا يشتكي، ولا أعبث فيه بقلم، ولا أسجل منه أو
عليه، استمعت إلي الأغنية التي كنت أتذكرها لماما، واستمعت لبقية الألبوم تباعا،
ودمعت عينياي.
"فكرك يعني، لما تبيعني، وترجع
يوم..هقدرأسامحك..وأسكن قلبك، وأنسي اللوم؟"
انا التي ظننت انها نسيتك، لكنها لم تنسك
يوما، ربما طواك النسيان لكنك ظللت في رأسي، أحفظ كل ما قلت، وما غنيت، وأعتبرك
الأثير وفوق الجميع، أنت الصوت المهدور حقه.
وأنا أحبك....و"شاهدين عليه..بيعمل ايه؟"
أين أنت يا فؤاد؟
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقك يسعدني..يا أفندم!