وهبناها للعلم

كل كلمة كانت بتتقالي وانا صغيرة، أي كلمة وحشة انا فاكراها، كنت طفلة تخينة، وبنضارة، ودحيحة، باكل الكتب أكل، لما كانت واحدة من قرايبنا بتقول لأمي "ان شاء الله تفرحي بيها" أمي ترد وهي بتضحك بكل سخرية تقول "لا أحنا وهبناها للعلم"، وبناءا عليه كانت بتسم بدني ف الرايحة والجاية كل ما أحط لقمة ف بوقي، ظنا منها ان ده ممكن يسمم بدني مثلا وأبطل اكل وأخس...بس اللي حصل...كان العكس...

أفتكر مرة وأنا ف تالتة ثانوي، كنت ف بيت جدتي، أمي وعمتي كانو قاعدين ع السرير، أمي فكرتني نايمة، وقعدت مع عمتي تحكيلها ازاي انا باكل زي المجنونة بكل بشاعة، وتوصفلها ازاي هدومي متوسخة وازاي انا مش بحب أخد دوش، وازاي ريحتي وحشة "لأني كنت تخينة ف كنت بعرق للأسف"، وأنا سامعاها للأسف، أفتكر من كل ده كله اني كنت بعيط وأنا ساكتة، متكلمتش ولا فتحت بوقي...

أبويا كان دايما يقولي انتي ابني الكبير، انتي الراجل بتاعي، أنا معنديش ابن كبير، انتي اللي بدالي، مشاكل ابويا للأسف، شخصيته الضعيفة، ومشاكله مع أمي، للاسف ساهمت ف اني معتبروش الراجل بتاعي للأسف، وبتكون كارثة لما البنت تطلع متلاقيش تلاقي أبوها هو الراجل رقم واحد ف حياتها، بتطلع مكسورة، بتعمل نفسها جامدة وهي مش جامدة ولا نيلة، بتتخن صوتها، تطول دراعها، لأن محدش بياخدلها حقها غير نفسها، انا مشفتش دلع، كل الي شفته أب كداب، بيسرق من مراته وأم ولاده، اللي شفته أم بتفضح أبو ولادها قصادهم، بتنهي فيهم اي صورة للأب الي مفروض يطلعو يلاقوه، شفت شقا كتير...

لما كنت ف ثانوي كنت أشوف الأمهات توصل البنات الدرس، بابا جاي ياخدني، بابا قالي لازم أرجع البيت بدري، أنا وف اعدادي، محدش كان يعرف حاجة عن مذاكرتي، كنت بستلم الكتب أروح اجيب الملازم أروح السنتر وأذاكر طول السنة ومحدش يعرف عني أي حاجة تماما...
كذلك ف ثانوي، اتسحلت بطول شارع الهرم طولا وعرضا، ومحدش كان يعرف عني حاجة، وبدني كان بيتسمم بكل جنيه باخده، رغم اني كنت باخد دروس بأرخص الأسعار وساعات بوفر، طول عمري كنت شحاتة وسط زمايلي، سواء ثانوي، ف الجامعة، طول عمري شحاتة، معفنة، بلبس أقل حاجة وأنتن وأرخص حاجة...لأن دايما كان مفيش...مشمتش نفسي وشفت حاجة عدلة إلا لما اتخرجت واشتغلت...واشتغلت اول شغلانة قابلتني مكانتش محتاجة مجهود كبير إلاعشان أعرف أجيب فلوس، عشان اعرف اعمل كل الحاجات اللي مكنتش بعرف اعملها وانا أبويا وأمي بيدوني فلوس، أتفسح، البس، أخرج، أكل برة....كل الحاجات دي....
بدل ما كل مرة كنت بخرج مع بابا بيسم بدني ويقعد يحسب فلوس الخروجة واحنا راجعين، لو طفحنا ف حتة يدينا بالجزمة بعد كدة ويسيبنا تاني يوم من غير فلوس عشان احنا صرفنا فلوس البيت ف الفسحة...

الموضوع مكانش فقر قد ما كان ان ابويا راجل علق، مش بيشتغل، وعلوقيته دي كانت بسبب قلة طموحه، وبناءا عليه، حاليا هو قرب يطلع معاش، ومش هيكونله مورد رزق حقيقي، وبالتالي انا كبننته الكبيرة ملزمة أصرف عليه، بصفتي أغني واحدة ف العيلة ف الامارات وبغرف زكايب رز هنا...

امي اتطلقت من أبويا بعد معاناة حقيقية سحلتنا احنا ف طريقها، حتي لما كانت عاوزة تتجوز اناا ممانعتش ابدا بس قلتلها تخرج برة شقة العيلة وتتجوز، ده كان اعتراضي الوحيد، لكن هي كانت عاوزة تتجوز وتجيبه يقعد ف البيت وياكل ويشرب وانا ابعت فلوس وهو يغرف...وده مش مقبول أبدا....طبعا بتحملني ذنب انها قاعدة لوحدها دلوقتي، وبتحاول تبتزني عاطفيا بين وقت والتاني، وانا ببعتلها فلوس عشان أريح ضميري، وأريح دماغي ف نفس الوقت...بس الحقيقية...اني لو اخترت...هختار اني معرفهمش تاني، ولا هي ولا بابا....الناس دي مربونيش قد  ما أذوني وشوهوني نفسيا، امي لما كان وززني أقل من 90 كيلو كانت بتمسح بيا الأرض، وانا للأسف عنيدة، عنيدة لدرجة اني فضلت أكل وأكل وأكل لحد ما وصلت 170 كيلو....ولما لقيت نفسي مش قادرة أشيل نفسي، قررت أروح أقطع معدتي، عشان أعرف اكمل الأيام اللي جاية...عشان الوحدة صعبة، محتاجة حد شديد وقادر عليها، محتاجاك وانت بكامل عافيتك عشان تشيل همومك....

انا مخنوقة، بقالي سنتين وأكتر عايشة برة، ومعنديش أدني نية إني أرجع مصر، مش عاوزة أرجع أقعد مع الست دي تاني، ومش عاوزة حد تاني....وباختصار شديد...انا عاوزة أموت...وأرتاح....

تعليقات

  1. لو جيت لك الامارات همرنك واخليك وحش

    ردحذف

إرسال تعليق

تعليقك يسعدني..يا أفندم!

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية أتاري...

كنوز مدفونة: صياد الطيور - جورج وسوف "الجزء التاني"

نادية الجندي....سور الصين العظيم..!