كنوز مدفونة: يا عيون يا مغرباني - ايمان الطوخي.

النهاردة انا باتكلم عن مولانا "عمار الشريعي" إله الموسيقي في التسعينات، والألفينات، الكفيف الذي أبصر في ضوء موسيقاه الالاف..!


يا عيون يا مغرباني من كلمات الشاعر الكبير "عمر بطيشة" وألحان أبي الروحي الموسيقار الكبير "عمار الشريعي"

حوارنا عن أغنية من أجمل أغنيات عمار، أرشق ألحان، حوار ما بين الايقاع، والقانون، والقيثارة، والات النفخ، مع صوت من أجمل الأصوات النسائية في التسعينات، وحنجرة قلما ظهرت رشاقتها إلا مع موسيقي بارع مثل "الشريعي".

استمع للأغنية من هنا:


عمار كان عامرا بالمفاجئات، كان رائدا لموسيقي الاحساس، يخاطب عقلك، مقطوعاته الموسيقية كفيلة بأن تجعل الدموع تنهمر من عينيك، عمار متخصص بالشجن، متخصص بالحزن، متخصص بالتغلغل داخل مشاعرك...!

مقدمة موسيقية شجية، ما بين القانون والعود والكمان، ثم دخول للقيثارة، مع استخدام مميز للايقاع، حوار ما بين الكمان، والقانون يصعب علي غير المتخصص فهمه، ترد عليهما قيثارة، تمهد لدخول صوت ايمان.

أظنني سأمضي شهرين اكتب عن تلك المقدمة الشجية التي تذكرني بتتر "زيزينيا" روحا لا نحتا، عمار كان شديد الرقة، بعيدا عن النحت رحمه الله...




صوت ايمان برغم كل عيوبه بدا جميلا في هذه الأغنية النادرة..


"يا عيون يا مغرباني..
عن أهلي وعن زماني..
يا واخداني ومسافرة..
ما بين كل المواني...
وديني ورجعيني..
وقابليني وسيبيني..
باحبك ايوة لكن...
فيه ناس مستنياني..!"

الموسيقي درامية بشدة في هذا المطلع، تتحرك مع حركة احساس الكلمات، أول مرة أري ملحنا بعد بليغ حمدي يطوع اللحن ليصبح تحت الكلمات، حوار مجددا ما بين القيثارة، والنغم والايقاع يتصاعدا، لينتهي المطلع بنوتة عالية في صوت ايمان، وهو ماكان جديدا بالكامل عليها، "راجع أعمالها المنتشرة" ستجدها غالبا في قالب هادئ واحد، بعيدة عن الHigh Note.

نقلة لحنية لكوبليه جديد، حوار رائع ما بين الوتريات، كأنها سيدة الموقف في هذه الأغنية..

"لو كنا بنختار ف حياتنا..
يا حبيبي مختارش سواك..
لو كنا بنخلق جنتنا..
يا حبيبي أخلقها معاك..
انتا اللي لقيتك بعد غياب...
بعد ما فكرت الحب سراب...
بس بقابلك يا أعز الناس..
لحظات وتفوت...
زي الأغراب....
زي الأغراب...
بنفارق بعض تاني...
بنفارق بعض تاني..."

ثم لازمة الأغنية التي هي في الاساس الكوبليه الاول والمطلع، لكن هذه المرة بصوت ايمان "توناليتيه" متكرر اكثر من مرة..
كوبليه مذهل والتفافة شعرية مذهلة، كلمات في منتهي الدقة، جواهر مرصوصة لا تغيير فيها...




الحيلة الشعرية الشهيرة بأن كل مقطع منفصل عن المذهب الرئيسي، لكن في اخر بيت تعيدك القافية لأساس قافية القصيدة، دائما ما تنجح عامة، انتهاءا بالكوبليه، عودة للموسيقي في الفاصل، لا تغيير، وتريات رشيقة وايقاعات، أكاد أن أشتم أنفاس عمار وهو يعزف علي عوده.


"دنيا غريبة وبترمينا..
يا حبيبي علي موجة شوق..
وتضمنا وبتلعب بينا...
وتاخدنا يا حبيبي لفوق...
ونقابل حلمنا بالأحضان..
بعد زماننا ما يفوت بزمان...
يا خسارة لما الدنيا تضيع
والحلم يضيع..
وياها كمان...
والحلم يضيع..
وتضيع كل الأماني..."

كأنها تصرخ كارهة لذلك الحبيب الذي يبتعد يقترب عنها، كأنها تناديك لتنتشلها من بحور الغربة التي حدقت بها، ملحمة من الوتريات تنتهي بمذهب الأغنية وايمان تؤديها بصوتها المستعار، تغني وترد علي نفسها، في مزيج ما بين الألم والأمل والرثاء..

لحظنا السئ، أو لحظها الحسن، توقف مشوار ايمان الطوخي التمثيلي والفني في التسعينيات، رغم موهبتها الكبيرة في التمثيل -دماء ع الأسفلت- وصوتها الجميل، لكن الظروف التي لا نعلمها وحدها هي التي خسرتنا الكثير...

رحمك الله يا أبي عمار :(

تعليقات

  1. تقرير أكثر من رائع لأغنية من أحب الأغنيات إلى قلبي الله يرحم عمار الشريعي ويعطيكي الصحة إيمان الطوخي

    ردحذف

إرسال تعليق

تعليقك يسعدني..يا أفندم!

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عربية أتاري...

كنوز مدفونة: صياد الطيور - جورج وسوف "الجزء التاني"

نادية الجندي....سور الصين العظيم..!